الخرطوم، عاصمة السودان.
(cc) كريستوفر ميتشل
أثارت مجموعة من جهاز المخابرات (جهاز الأمن سابقاً) الرعب في العاصمة السودانية الخرطوم، ومدينة الأبيض بولاية شمال كردفان، حيث أدت الأحداث لتبادل إطلاق النار وإغلاق وتتريس للشوارع.
تحدث الصحفي عادل كلر مع ‘موقع الأضواء’ حول الأحداث في منطقة الرياض في العاصمة الخرطوم، التي كان موجودا بها منذ الساعة 11 بتوقيت الخرطوم. “قامت هيئة العمليات في جهاز المخابرات بوقفات احتجاجية طالب فيها المحتجون بحقوق ما بعد الخدمة، وذلك بعد قرار تسريحهم من جهاز المخابرات، ورفضهم خيار الالتحاق بقوات الدعم السريع. اعتبرت القوات المسلحة السودانية أن هذا تمرداً وفوضى وشددت على حسمها فوراً. وقع تبادل إطلاق النار عصر اليوم”، يقول كلر. كل هذه الأحداث وقعت اليوم، الثلاثاء 14 يناير 2020.
“شرعت وحدات من الاستخبارات العسكرية وقوات الدعم السريع في حملة اعتقالات وسط منسوبي قوات هيئة العمليات في جهاز المخابرات العامة، إثر قيامهم بالتمرد”، يضيف كلر. هذا وأعلن مطار الخرطوم عن تعليق الرحلات حتى الساعة الثامنة مساء اليوم.
رد فعل
اتهم قائد قوات الدعم السريع وعضو مجلس السيادة الانتقالي محمد حمدان دقلو (حميدتي) الرئيس السابق لجهاز الأمن (المخابرات حالياً) صلاح قوش بالتخطيط للانقلاب عبر إثارته للفوضى.
ولفت حميدتي خلال مؤتمر صحفي من عاصمة جنوب السودان، جوبا، إلى ” ضرورة محاسبة تلك العناصر العسكرية بالقانون”.
ومن جهته قال رئيس الوزراء دكتور عبد الله حمدوك عبر حسابه الرسمي على تويتر: “نطمئن مواطنينا أن الأحداث التي وقعت اليوم تحت السيطرة وهي لن توقف مسيرتنا و لن تتسبب في التراجع عن أهداف الثورة.”
ويتابع بالتغريد: “الموقف الراهن يثبت الحاجة لتأكيد الشراكة الحالية والدفع بها للأمام لتحقيق الأهداف العليا نجدد ثقتنا في القوات المسلحة والقوات النظامية وقدرتها على السيطرة على الموقف.”
وحسب لجنة أطباء السودان المركزية وهي أحد الأجسام المؤسسة لتجمع المهنيين السودانيين، فلقد تمت إصابة مواطن يبلغ 15 سنة بطلق ناري.
هيكلة جهاز الأمن
بعد سقوط نظام المخلوع عمر البشير تعالت الأصوات الجماهيرية المطالبة بحل جهاز الأمن، لتورطه الوحشي في قمع وقتل المتظاهرين قبل سقوط النظام، فضلاً عن ممارساته اللاإنسانية في المعتقلات والسجون.
وبعد توصل قوى الحرية والتغير والمجلس العسكري الانتقالي لاتفاق تقاسم السلطة في أغسطس 2019، نصت الوثيقة الدستورية لضرورة هيكلة جهاز الأمن وحصر مهامه في جمع المعلومات فقط بدلاً عن المهام القتالية.
وكانت أولى الخطوات بتغيير اسمه لجهاز المخابرات بدلا من جهاز الأمن، بعد أن أوكلت مهام إصلاح المؤسسات العسكرية في الفترة الانتقالية للمكون العسكري في مجلس السيادة حيث تهدف للإصلاح في القوات المسلحة، جهاز المخابرات، والشرطة.
بموجب الوثيقة الدستورية بدأت السلطات في حل هيئة العمليات ويبلغ عدد أفرادها أكثر من 13 ألف شخص.
حصر مهام الجهاز في جمع المعلومات يجبره على التخلص من عدد من التركات الثقيلة أهمها صلاحية الاعتقال التي ستنتقل لتكون بيد الجهات الشرطية فقط، إضافة إلى توقفه عن القيام بمهام قتالية وهذه المهام كانت تقوم بها هيئة العمليات.
تحذير
ودعا كل من تجمع المهنيين السودانيين، والناطق الرسمي باسم الحكومة ووزير الثقافة والإعلام فيصل محمد صالح جميع المواطنين الموجودين في المناطق التي شهدت احتجاجات منسوبي هيئة العمليات بجهاز الأمن، بأخذ الحيطة والحذر والدخول إلى المنازل وإغلاق الأبواب والنوافذ بإحكام وعدم الاقتراب منها حتى تستقر الأوضاع.
وقال بيان للتجمع اليوم، إن سكان أحياء كافوري، الرياض، حي المطار وعدد من الأحياء بالخرطوم هُلعوا بأصوات ذخيرة حية من مباني جهاز الأمن والمخابرات العامة، مع قفل للشوارع المؤدية إلى تلك المناطق.
وأضاف: “إننا نرفض أي محاولة لخلق الفوضى وترويع المواطنين واستخدام السلاح مهما كانت المبررات”، ودعا البيان، أجهزة الدولة النظامية للتدخل فوراً لوقف هذه العمليات الغير مسؤولة التي تسببت في تصدير القلق للمواطنين داخل الأحياء.
وفي الأثناء دعا وزير الإعلام فيصل محمد صالح، المواطنين إلى الابتعاد عن المواقع التي تشهد أحداث على خلفية تمرد قوى تتبع لهيئة العمليات بجهاز المخابرات العامة.
وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة في بيان اليوم، إن الجهات المسؤولة تواصل مساعيها لإقناع الوحدات المتمردة بتسليم أنفسهم وسلاحهم للقوات النظامية، وأضاف: ”في كل الأحوال فان القوات المسلحة تطمئن المواطنين بانها قادرة على حسم التمرد وتامين حياة المواطنين والمنشآت”.
ليس انقلابا
اعتبرت الصحفية ماريا النمر أن تسريح هيئة العمليات من الخدمة قد أتي متأخراً، وحملت الأعضاء العسكريين في مجلس السيادة مسؤولية الفوضى لتباطؤهم في هيكلة جهاز الأمن، ولا سيما وأن مهام هيكلة القوات النظامية بحسب الوثيقة الدستورية تعود للعسكرين في مجلس السيادة الانتقالي.
وتضيف ماريا بالقول: “ما يحدث، ليس انقلابا أو محاولة للانقلاب، وإنما هو مخطط لإثارة الفوضى، ولإعادة خلط الأوراق من أجل ترتيبات جديدة”.