أحد أعراض تغير المناخ في السودان هو ارتفاع عدد الزوبعات الرملية، كسلا، السودان.
(cc) IAEA | نيكول جاويرث | 6 أبريل 2016
أدى الفساد والتمكين في عهد نظام المؤتمر الوطني إلى دمار كبير للبيئة، وتمثل في تقلص المساحات الخضراء في البلاد على سبيل المثال. فكيف يمكن النهوض بالبيئة، خصوصا في كسلا، التي تشكل مساحة الغابات فيها 8 في المئة فقط من مجموع مساحة الولاية؟
تغنّى لمدينة كسلا عشرات المطربين، وتغزل في جمالها وخضرتها الشعراء. أصبحت كسلا الآن مدينة مغبرة تعاني من التصحر.
يستمد الغطاء الشجري أهميته من أهمية البيئة السليمة لحياة الإنسان وكل الكائنات. وقد شهدت الغابات خاصة والبيئة بصورة عامة تدهورا مريعا في العهد البائد شأنها شأن كافة أوجه الحياة في السودان.
أسباب التدهور
تقول المهندسة منال علي عبد الحليم، رئيسة الجمعية السودانية لحماية البيئة في كسلا أنه يمكن تلخيص أسباب تناقص الغابات في العهد البائد في كلمة واحدة هي الفساد.
“كنتيجة لإستشراء الفساد في العهد البائد تناقصت كثير من الأشياء الجميلة على حساب الجدب والدمار وتمددت مساحات القبح كنتيجة للفساد والمحسوبية التي كانت تنخر في جسم الوطن، بل حتى النفوس أصابها الجفاء والتصحر ناهيك من الغابات” تقول عبد الحليم.
تضيف عبد الحليم مفسرة الأسباب الكثيرة وراء تدهور البيئة في كسلا قائلة إن “كل حدث كل ذلك لأسباب كثيرة منها الحروب العبثية التي كان يؤجج نارها النظام البائد وما يتبع ذلك من نزوح ولجوء ودمار للبيئة.”
“أضف إلى ذلك تدخل قيادات النظام بتصديق آلاف الهكتارات من الغطاء الشجري لأعضاء الحزب الحاكم في إطار سياسة التمكين وغيرها من الممارسات التي أدت في نهاية المطاف إلى تقليص مساحة الغابات في السودان.”
“مساحة الغابات تشكل فقط 8 في المئة وهي نسبة متدنية جدا حتى إذا قورنت بولايات سودانية أخرى. والهدف المحدد التي تسعى الهيئة لتحقيقه هو 20 في المائة من مساحة الولاية ككل”، يقول عصام عبد الكريم، مدير الهيئة القومية للغابات، ولاية كسلا. بالمقارنة، تصل نسبة المساحات الخضراء إلى ما بين 30 و40 في المئة في ولاية الخرطوم، بينما تصل لم تفق هذه النسبة الـ 11 في المئة في السودان ككل في سنة 2015، حسب مبادرة AFR100.
“المحافظة على التوازن البيئي بالإضافة إلى إعادة إعمار الغابات ونشر الوعي البيئي وزيادة الرقعة المأهولة بالغطاء الشجري”، هي ضمن أهداف الهيئة، التي تأسست سنة 1902، يضيف عبد الكريم.
تأسست الهيئة القومية للغابات في السودان سنة 1902 في عهد الاستعمار الثنائي الإنجليزي-المصري وكان يديرها الإنجليز إلى أن تمت سودنتها في خمسينيات القرن الماضي. مرت الهيئة القومية للغابات بمراحل مختلفة حسب تقلبات الحكم في السودان من حكم ديمقراطي إلى حكم عسكري وشهدت نتيجة لهذه التقلبات قوانين وتشريعات مختلفة ومتعددة. وظلت الهيئة كذلك تتأرجح في تبعيتها فتارة تتبع إلى وزارة الزراعة والغابات وتارة أخرى إلى رئاسات الجمهورية. وفي كل الأحوال فإن الهيئة القومية للغابات حافظت على السمة الاتحادية فهي تتبع مباشرة إلى المركز في الخرطوم وإن كانت لها علاقة تنسيقية مع حكومة الولاية. هكذا فقد عملت الهيئة بقوانين متعددة والآن تعمل بـقانون الهيئة القومية للغابات الصادر سنة 2002، وهو قانون اتحادي.
تأثير البيئة
الموارد الطبيعية من مراعي وغابات ومياه لها دور مؤثر في السلم الاجتماعي. إذا حدث تناقص في المساحات المخصصة للرعي، يؤدي ذلك للاحتكاكات بين الرعاة والمزارعين.
كذلك نقص مصادر المياه يؤدي إلى النزاع، بل أن تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة يؤدي كذلك إلى النزاع بين مجموعات مختلفة. مثلا، أحد الأسباب الجذرية لنزاع دارفور هو الزحف الصحراوي الذي أدى إلى مواجهات بين المزارعين والرعاة.
تتمثل أبرز التحديات التي تواجه عمل الهيئة القومية للغابات، حسب مدير الهيئة في كسلا، في توسع الزراعة غير المقننة على حساب مساحات الغابات، وكذلك ضعف الإمكانات المتاحة للغابات.
الحل في العمل
“الشريك الأول بالنسبة لنا هو الإنسان السوداني وخاصة شريحة الشباب لهم بوعيهم ووطنيتهم باستطاعتهم أن يساهموا في إعادة إعمار وطنيهم وفي مقدمة هذا الإعمار تأتي الغابات” يقول عصام عبد الكريم، مدير الهيئة القومية للغابات، ولاية كسلا.
لتحقيق هدف الـ 20 في المئة كنسبة للمساحة الشجرية من مجموع مساحة ولاية كسلا، تعول الهيئة القومية للغابات على شباب السودان. “كلنا أمل بأننا في العهد الجديد وبعد نجاح ثورة ديسمبر المجيدة سنتمكن من تحقيق هذا الهدف. الآن نحن لدينا تنسيق عال مع شباب لجان المقاومة بولاية كسلا لإعلان برنامج كبير يستهدف النهوض بالغابات وسيكون ذلك ضمن حملة ‘حنبنيهو‘”، يقول عبد الكريم.
للهيئة خطط طموحة للنهوض بالغابات بالإضافة للأنشطة الروتينية التي تنفذها كل عام. “نحن في ولاية كسلا مثلا لدينا عدد 6 مشاتل تنتج أكثر من مليون شتلة في العام وكذلك نقوم بجمع بين 10 إلى 15 طن من البذور سنويا ونقوم بنثرها في المناطق المستهدفة” يفسر عبد الكريم.
وضمن احتفالات السودان بالذكرى الأولى لثورة ديسمبر أعلنت الحكومة السودانية عن حملة غرس مليون شجرة في سنة 2020، التي دشنها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.
البيئة موضوع عالمي
وبما أن الاهتمام بالبيئة ليس موضوعا سودانيا فحسب، فإن التعاون بين مختلف الدول أمر لازم. مثلا قطع غطاء شجري قرب نهر النيل له عواقب وخيمة على مستوى فيضانات النهر، مما له آثار على دول أخرى في حوض النيل. هذا أحد الأسباب وراء دعم عدد من المنظمات العالمية والأممية لأنشطة الحفاظ على البيئة في السودان.
تحدثت المهندسة تهاني حسن حسين، الأمينة العامة للجمعية السودانية لحماية البيئة لـ ‘موقع الأضواء’ عن شراكة تجمع الجمعية بمنظمة كووبي الإيطالية التي تعمل في مجال صيانة البيئة. “نعمل في ثمانية قرى بمحليتي ريفي أروما وريفي شمال الدلتا، و قمنا بمنتديات توعوية في كل من متاتيب، أوليب، أمراي، الكوجة، أم جداد.”
هذه المنتديات تأخذ أشكالا مختلفة مثل الندوات، مسارح توعوية ومخاطبات باللغات البجاوية المحلية، وتركز على مواضيع مختلفة مثل المياه، التلوث، مخاطر التعدين الأهلي، والمنتجات البلاستيكية وأثرها على التدهور البيئي.