أجهز انفجار الوضع في السودان على ما تبقى من المؤسسات الخدمية التابعة للدولة، وأحالها إلى مبانٍ خاوية على عروشها، وبعضها تحولت إلى مساكن للأشباح بعد أن طالتها يد الحرب، وتسببت في تدميرها جزئياً، وأخرى باتت أكوام شاهدة على أنها كانت هنا!
بين الأمس الشاحب، واليوم ذي اللون الأسود القاتم، يواجه السودانيون كل شيء من أجل التمسكِ بما تبقى من وميض لحياة مهددة بالتوقف في أي وقت ودون مقدمات.
في هذا البودكاست الذي أعدته لُدَن طارق، تحكي فيه أدواراً لمبادرات تعمل في زمن الحرب، وتسلط الضوء على أدوارها الإيجابية التي لعبتها وساهمت من خلالها في خلق بيئة تعايشية وتضامنية لسكان الأحياء التي نشطت فيها.
تكونت هذه المبادرات من شباب/ات لديهم حس المسؤولية تجاه مجتمعاتهم، وبفضل حماسهم، ساهموا في توفير بعض الخدمات الأساسية والاحتياجات المعيشية الضرورية من خلال إنشاء مطابخ مشتركة داخل الأحياء السكنية، ومحاولة ضمان توفر الخدمات الصحية عبر تأهيل المستوصفات الطبية، وتوفير الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة، كما ساهمت في خلق بيئة آمنة وصديقة للأطفال والجمعيات النسائية، وغيرها من النشاطات اليومية للتخفيف من حدة الحرب.
“غرفة طوارئ ولاية الخرطوم” من ضمن هذه المبادرات، وتشمل مناطق بحري والخرطوم وأم درمان، وهذا البودكاست تناول مبادرة غرفة طوارئ بحري وغرفة طوارئ شرق النيل، حيث توجد داخل كل غرفة مكتب للاستجابة النسوية، يتكون من نساء يقمن بتوفير الفوط الصحية وموانع الحمل والإجهاض وغيرها من المستلزمات الضرورية للنساء في ظل ظروف الحرب.
تُحكى تجربة المبادرات على لسان إحدى عضواتها التي تفضل الإفصاح عن صوتها دون اسمها قائلة: “لدينا في هذه المبادرات مستفيدين ساهمنا بشكل مباشر في مساعدتهم، مبادراتنا المتمخضة عن غرف الطوارئ ساهمت في تقوية الروابط بين أفراد المجتمع، وأحيت روح التعاون بينهم، وذكّرتهم بالضمير الإنساني، وسهّلت لهم سبل الوصول للخدمات الغذائية والصحية للمناطق التي تشح فيها تلك الخدمات”.
جهود تؤكدها إحدى المستفيدات التي تشعر بأنها لم تبقَ وحيدة في هذا المعترك، وتعبر عن ذلك بالقول: “كانوا معنا، وقدموا لنا الطعام، وتسببوا في صمود الناس في ظل الحرب، وأشعرنا بضرورة التضامن بيننا البين”.
تطورت تلك المبادرات رغم التحديات التي تواجهها، وأصبحت أكثر تنظيماً ورغبة في خلق سلام مجتمعي ينظم الصفوف؛ لخلق سلام حقيقي للسودان، يقوم بدوره لإيقاف أصوات الرصاص، وصنع مساحة تشمل جميع السودانيين من أجل الوصول لأرضية مشتركة فيها مستقبل السودان، بعيداً عن حاضره المثخن بالجراح.
احتوى البودكاست على تفاصيل أكثر، لممثلين وممثلات عن مبادرات فاعلة، ولمستفيدات من مناطق عدة، وخبراء يحكون أهمية وجود هذه المبادرات التي أبقت أهالي مناطق نشاطها على قيد الأمل..
ـــ ـــــــ
تم إنتاج هذه القصة من قبل الإعلام في التعاون والانتقال (MICT) وأكاديمية شمال أفريقيا للإعلام (NAMA)، بالتعاون مع مركز الأضواء للخدمات الإعلامية والصحافة، وبتمويل من الوزارة الاتحادية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية (BMZ). الآراء الواردة في القصة لا تمثل آراء MICT أو NAMA أو الأضواء أو BMZ.