غرب دارفور، السودان.
(cc) موقع الأضواء | محمد هلالي | 23 يونيو، 2013
ارتفعت تطلعات سكان دارفور للسلام بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير. ولكن هذه الآمال تواجهها تحديات، حيث لا تتفق حركات مسلحة وقوى مدنية في الإقليم مع الاتفاق الذي وقعه كل من تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي.
بعد نحو 16 عاماً من الحرب المتطاولة في إقليم دارفور غربي السودان، يتطلع الآن آلاف النازحين الذي تفرقوا على معسكرات النزوح في مدن الإقليم إلى حياة أفضل بعد أن أطاحت ثورة 19 ديسمبر بنظام حكم الرئيس عمر البشير المتهم من قبل المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب انتهاكات واسعة إبان الحرب المشتعلة في الإقليم.
على الرغم من عدم تغطية وسائل نقل الأخبار الحديثة لبلدة كلتوم أبكر، النازحة والمقيمة في معسكر كلمة للنازحين القريب من مدينة نيالا، ولاية جنوب دارفور، لم تتغيب كلتوم عن أخبار الثورة ومتابعة تطوراتها اليومية.
تبدي كلتوم، التي انشغلت مع عدد كبير من النازحين في مخيمها بالإعداد لموسم الزراعة المطرية، سعادة كبيرة بزوال الحكومة السابقة والتي تقول في مقابلة مع موقع الأضواء إنها “ظلت جاثمة على أنفاسنا، وكانت سبباً مباشراَ في نزوحنا وتشريدنا لأكثر من 15 سنة، واضطرتني مع الآلاف للسكن في معسكرات تفتقر لأبسط الخدمات الأساسية التي يحتاجها الانسان”.
ويضع الآلاف من النازحين في الإقليم آمالاً عريضة على حكومة الفترة الانتقالية المنتظر تشكليها خلال شهر، لمعالجة أحوالهم ويأملون أن تكلل مساعي الحكومة الانتقالية بالنجاح في تحقيق السلام العادل في السودان، لا سيما في إقليم دارفور.
“نأمل أن تنصفنا الحكومة الجديدة وترد لنا مظاليمنا القانونية وتعويضنا التعويض المجزي”، تقول كلتوم، مضيفة أن “قلوب جميع الأمهات في معسكرات النزوح مع الثورة ومطالبنا تشمل وضع حد لانتشار السلاح لدى المليشيات. على أبناء دارفور في الحركات المسلحة التي تحمل السلاح في وجه الحكومة العمل من أجل السلام والأمن الذي افتقدناه طويلا”.
ويُجمع كذلك نازحون آخرون تحدث إليهم موقع الأضواء، بينهم عبدالله اسحق، على ضرورة وضع حد لمعاناتهم فضلاً عن وضع اعتبار لقضيتهم التي وصفوها بـ “العادلة” والنظر إلى مستقبلهم ومستقبل أطفالهم، الذين لا يعرفون شيئا عن مناطقهم الأصلية التي نزحوا منها، حتى يخرجوا من مستنقع ثقافة معسكرات النزوح. هذا وطالب عدد من النازحين الحركات المسلحة في دارفور بضرورة العدول عن مواقفهم السياسية تجاه قضية دارفور منفصلة عن قضايا السودان الكلية.
وعلى عكس تمنيات النازحين بالاستقرار في أعقاب سقوط نظام الرئيس البشير، تبنت حركات مسلحة وقوى مدنية في الإقليم حملة مقاطعة لاتفاق تقاسم السلطة المبرم بين قوى المعارضة المدنية الممثلة في تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي. تم التوقيع على هذا الاتفاق، المعروف بالوثيقة الدستورية في الخرطوم، يوم 17 أغسطس 2019، إلا أنه لم يحصل على رضى حركات مسلحة وقوى مدنية، التي ترى أنه لا يخاطب جذور الأزمة السودانية عامة وقضية دارفور على وجه الخصوص.
اعتبر النازح وممثل شباب معسكر كلمة، عبد الله إبراهيم، الاتفاق “محاصصة سياسية بين مكونات قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري”. وقال عبد الله للأضواء: “الاتفاق أعطى إجازة مفتوحة للسلام، ومنح أهل المركز الحكم باعتبارهم من أتوا بالثورة. ما تم لن يحقق السلام والأمن والاستقرار بالسودان بخاصة دارفور”.
ويرى الصحافي المهتم بشأن إقليم دارفور، جعفر السبكي، أن الاتفاق المبرم والمضمن في وثيقتي الإعلان السياسي والوثيقة الدستورية ثنائيا بين قوى حرية التغيير والمجلس العسكري، ولم يتطرق لقضية النازحين واللاجئين. وقال السبكي للأضواء: “الاتفاق أغفل مسألة تضمين قضية التعويضات وكيفية إعادة النازحين إلى قراهم”، معتبراً أن “الحكومة القادمة ستكون امتدادا لنظام البشير في تعاملها مع قضايا الهامش”.
وعلى الصعيد السياسي، أجمعت الحركات المسلحة التي تقاتل الحكومة السودانية منذ سنوات في إقليم دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، إلى جانب قوى مدنية أخرى، على رفض الاتفاق مع تعدد أسباب كل كتلة لرفضها.
ترىكتلة الجبهة الثورية– تجمع حركات مسلحة تقاتل في دارفور والنيل الازرق وجنوب كردفان – التي وقعت على إعلان الحرية والتغيير، أن الاتفاق الموقع تجاوز أهم مطالبها في تحقيق السلام العادل في البلاد ولم يتناول قضايا الحرب والسلام حسب ما اقترحوه، وفقا لبيان صادر في 16 اغسطس الجاري.
وجاء في نفس البيان: “نرى ضرورة إدراج رؤية السلام المتوافق عليها مع قوى التغيير في الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي كاستحقاق واجب للوصول إلى سلام عادل وشامل قبل أن تكون الجبهة طرفا في هذه الوثائق.
وترفض حركة جيش تحرير السودان التي يتزعمها عبد الواحد نور، والتي لم توقع على إعلان الحرية والتغيير، الاتفاق الذي عده نور في تصريحات سابقة اتفاقا ثنائيا بمشاركة المدنيين والعسكريين لا يخاطب جذور القضايا السودانية. وتظاهر عدد من أنصاره عشية توقيع الاتفاق في عدد من مخيمات النازحين في دارفور تنديدا بالاتفاق.
وبحسب نص الاتفاق السياسي الموقع بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري فإنه يؤجل عملية السلام في البلاد لحين تشكيل الحكومة الانتقالية على عكس رغبة الحركات المسلحة المنضوية تحت تحالف الجبهة الثورية التي تريد المشاركة منذ بداية الفترة الانتقالية.
وحدد نص الاتفاق وضع السياسة والمنهج الفعال لتحقيق السلام الشامل في دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان بالتشاور مع كافة الحركات المسلحة، بجانب العمل على إنهاء عملية السلام الشامل في مدة لا تتجاوز ستة أشهر من تاريخ التوقيع على الاتفاق.