فيروسات كورونا هي مجموعة من الفيروسات لها شكل الهالة، أو تشبه التاج عند النظر إليها في المجهر الإلكتروني. الصورة: CDC | الدكتور فريد ميرفي
أعلنت منظمة الصحة العالمية أن فيروس كورونا المستجد يشكل “طارئة الصحة العمومية التي تثير قلقا دوليا”، مع استمراره بالانتشار خارج الصين. فهل السودان مستعد للتعامل مع هذه الأزمة؟
خلص الاجتماع الثاني للجنة الطوارئ الذي عقده المدير العام لمنظمة الصحة العالمية بشأن تفشي فيروس كورونا المستجد في 2019 (المعرف رسميا باسم 2019-nCoV) في جمهورية الصين الشعبية، مع تصديره إلى بلدان أخرى يوم الخميس، 30 يناير، إلى أن تفشي الفيروس يستوفي الآن معايير “طارئة الصحة العمومية التي تثير قلقا دوليا“.
وحتى رابع فبراير، بلغ عدد الوفيات في الصين بسبب الفيروس 427 شخصًا و20,483 حالة على المستوى الوطني من أصل 20,677 حالة عالميا. وحذر الخبراء من احتمال وجود حولي 100 ألف شخص مصاب بالفيروس الجديد في جميع أنحاء العالم. ومن المتوقع أن يظهر المزيد من التصدير الدولي للحالات في أي بلد.
وبالتالي، ينبغي أن تكون جميع البلدان على استعداد لاحتواء الوضع، بما في ذلك المراقبة النشطة والكشف المبكر والعزل وإدارة الحالات واقتفاء أثر مخالطي المرضى والوقاية من الانتشار المتصاعد للفيروس ومشاركة البيانات الكاملة مع منظمة الصحة العالمية. وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس إن القلق ناجم عن احتمال انتشار الفيروس إلى البلدان التي تعاني من ضعف في النظم الصحية.
هل السودان مستعد؟
أحد هذه الدول هو السودان الذي يواجه تحديات سياسية وأمنية واجتماعية واقتصادية تؤثر على نظام الرعاية الصحية السوداني. لذلك، يشكل الفيروس تهديدًا كبيرًا للشعب السوداني، ووفقًا لوزير الصحة السوداني، الدكتور أكرم التوم، فإن شخصين يشتبه في حملهما للفيروس قد دخلا البلاد بالفعل.
في يوم الأربعاء الموافق يناير أعلنت وزارة الصحة السودانية أن شخصين قادمين من الصين في رحلتين مختلفتين عبر القاهرة وأديس يشتبه بإصابتهما بعدوى فيروس كورونا. وقد أجرى موظفو الوزارة فحوصات طبية وأرسلوا عينات إلى الخارج لإجراء مزيد من الفحوصات للتأكد من إصابة الاثنين بالفيروس.
وكان رئيس الإدارة العامة للطوارئ ومكافحة الأوبئة في وزارة الصحة الاتحادية بابكر المقبول قد أعلن يوم السبت، 25 يناير، أن السودان قد بدأ بالتخطيط لتدابير طارئة لحماية المواطنين من الفيروس الآخذ بالتفشي بسرعة.
وقال المقبول إن مسؤولين من الوزارة اجتمعوا مع هيئة مطار الخرطوم والشركات التي تقدم خدمات في المطار لتنفيذ مراقبة لجميع الركاب القادمين إلى البلاد. وأضاف أيضاً إن الوزارة على اتصال بمنظمة الصحة العالمية لمتابعة التطورات العالمية وتنسيق التدابير الوطنية المتخذة.
وقال عبد المجيد مُردس، من الإدارة العامة للطوارئ ومكافحة الأوبئة، لـ ‘موقع الأضواء’ أن الإدارة قد نفذت احتياطات على المستوى الوطني وشكلت لجنة فنية للتحضير لمكافحة انتشار الفيروس في السودان. “تشمل التدابير المتخذة إعداد محطتين للحجر الصحي، واحدة في مطار الخرطوم وواحدة في مستشفى الخرطوم التعليمي، وفحص جميع المسافرين القادمين من الصين”.
وقال مُردس أنه قد “تم تجهيز جميع المعابر والموانئ الحدودية بكاميرات حرارية تستكشف الحرارة، وغرف حجر صحي، وسيارات إسعاف، وأدوية بالإضافة إلى طاقم طبي مدرب. وأطلقنا حملات توعية عبر وسائل الإعلام .”
لم تصدر بعد نتائج التحاليل التي تم إرسال العينات لأجلها خارج البلاد على حسب ما صرح به مُردس لـ ‘موقع الأضواء’ في الرابع من فبراير. إلا أن “الشخصين المشتبه بإصابتهما بالفيروس لا تبدو عليهما أيٌ من الأعراض” على حد قوله.
من خلال ملاحظة الاستعداد في مطار الخرطوم من قبل كاتبة هذه المادة، يتم استخدام الأجهزة للكشف على المصابين، إلا أن ذلك لا يطال كل القادمين على متن الرحلات الجوية، كما وأنه بدلا عن حجز المسافرين القادمين من الصين، يتم فقط تنبيههم “لمراجعة الحجر الصحي لأجل سلامتهم” عبر إذاعة المطار الداخلية، مما يسبب عدم الارتياح والقلق لبقية المواطنين بالمطار.
بعض المخاوف لا تزال قائمة
وقال محمد المختار من أم درمان “أعلنت السلطات السودانية استعدادها للتعامل مع هذا التهديد، وطريقة تعاملها مع الحالتين المشتبه بهما تعكس قدرة الحكومة على حماية المواطنين”. ومع ذلك، فإنه قد أضاف أنه “قلق ليس فقط على نفسه بل على الشعب الصيني أيضًا”.
وأضاف المختار إن قلقه ينبع من نظام الرعاية الصحية في السودان بعد سنوات من الإهمال والفترة الانتقالية الحالية. “يحتاج السودان إلى دعم مالي وتقني من منظمة الصحة العالمية والمجتمع العالمي لمحاربة الفيروس. أعتقد أنها فرصة للحكومة الجديدة لتطوير أنظمة إنذار مبكر وطرق استجابة للتهديدات الحالية والمستقبلية. “
قضية أخرى أثارها المختار هي أن السودان ما زال متأخراً من حيث القدرات الفنية، مشيرًا إلى إرسال عينات من الحالتين المشتبه بهما إلى الخارج لإجراء الاختبارات، مما يعكس الحاجة إلى وجود مختبرات مناسبة في البلاد، وهذا يحتاج إلى التزام من السلطات ومساعدة من الخارج.
وقال مرداس إنه فيما يتعلق بالرعاية الصحية والتأهب لحالات الطوارئ الصحية لم يتغير الكثير منذ سقوط نظام عمر البشير. وأضاف أن الإجراءات والبروتوكولات القائمة لمعالجة مثل هذه القضايا لا تزال كما هي. ومع ذلك، “الآن هناك مزيد من الشفافية في طريقة التعامل مع الأمور.”
ومع تسابق الدول في جميع أنحاء العالم لتحسين استعدادها للطوارئ وتسابق العلماء لتطوير لقاح، فإن هذه الشفافية أمر حاسم: تتطلب مكافحة انتشار فيروس كورونا على مستوى العالم تواصل وتعاون متعدد القطاعات ومشاركة فعالة من جميع البلدان، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.